الغيرة الزوجية: إعتدلوا تسلموا

يا له من إحساس رائع أن تشعر أن هناك من يهتم لأمرك ويغار عليك، ويؤكد بغيرته أهمية وجودك في حياته، فللغيرة المعتدلة المرغوبة لإنعاش الحياة الزوجية أثر هام في إضفاء روح للزواج فهي علامة حب لا شك فيها مطلقا، وكما قالوا من قبل، فهي بهار الحياة الزوجية الذي يزيدها توهجا وجمالا، ولكن هل تحمد الغيرة في كل الأحوال؟ وهل تستمر بهذا المذاق الحلو العذب إذا ذادت عن حدها؟، وهل هناك حد مسموح للغيرة بين الزوجين؟
 
إن الغيرة المحمودة هي تلك التي تلهب المشاعر وتعطي رونقا لروح العلاقة، أما المذمومة فهي التي تتخذ من الشك رداء لها، فيكونان رفيقان يصعب فصلهما، وبالتالي تصبح عاملا أساسيا في تدمير العلاقة الزوجية، أو أي علاقة بين حبيبين في طريقهما للزواج، فالشك يقتل الأحاسيس المرهفة التي يتنظرها المحب من حبيبه، وبعبارات جارحة يبدأ أول شرخ في العلاقة، والغيرة المذمومة تكون عادة بسبب وبدون سبب، ويكون الشخص الذي يغار متأثرا بقصص أو عبارات قيلت ويظل يقوم بالربط بين الأقوال والأفعال ما يجعله فريسة لها، ولأثارها المدمرة على حياته مع الشريك، لأنها تجعل الشخص المغار عليه يشعر وكأنه مراقب في كل خطواته، وهو الأمر الذي لا يقبله جميع الأطراف، لذلك علينا بالإعتدال والإلتفات لمشاعر الطرف الآخر والتحكم في الغيرة حتى نستفيد بالقدر المعتدل منها كجرعة منشطة لروح الحياة الزوجية، وتوخي الحذر عند إعطاء هذه الجرعة، لأن الغيرة مثلها مثل أي دواء إذا زادت الجرعة المفروض تناولها أدى ذلك إلى مضاعفات خطيرة قد تضر، وربما كانت قاتلة. 
 
ولكن أحيانا يكون الشريك عامل أساسي في غيرة الطرف الآخر فكيف ذلك؟
توجد مجموعة من العوامل تؤدي إلى تحول الغيرة من محبوبة إلى مذمومة، ويكون أحد طرفي العلاقة سببا رئيسيا لحدوثها وأهمها ما يلي :
 
أولا: الكذب
فعندما يكذب الشريك على شريكه، ويكتشف الطرف الأول ذلك، تبدأ التساؤلات بنفسه ويظل يفكر في الأمر وبالتالي يجد نفسه فريسة سهلة للغيرة المذمومة دون أن يشعر بذلك.
 
ثانيا: إنعدام الثقة
تعتبر الثقة عمود حيوي وهام في أساس أي علاقة، وعندما تنهار، يبدأ الشريك في ملاحقة شريكه بالغيرة الشديدة المقرونة بالشك، وفي الحقيقة فالأمر مدمر لكلا الطرفين فكلاهما متضرر لإنعدام الشعور بالإطمئنان والأمان.
 
ثالثا:الإهمال
يجعل الطرف المهمل في حيرة دائمة من أمر شريكه، ويجعله صيدا سهلا للظنون، وهو غير ملام في ذلك فعلى الطرف الآخر أن يراجع نفسه، ويهتم لأمر من يحب بأن يثبت له عكس ظنونه.
 
لذلك فمن الحكمة عدم إلقاء اللوم على الشخص الذي يغير غيرة مذمومة إلا بعد دراسة حالته ومعرفة العوامل التي أدت لها، وإذا كانت أحد العوامل التي ذكرت أعلاه وجب إنتباه الطرف الآخر لها وأصبح لزاما عليه أن يكون هو المعالج لها، فالبقضاء على الفعل المسبب يقتل رد الفعل المصاحب له، أما إذا أتضح أن الغيرة مرضية ففي هذه الحالة ينبغي عرض الموضوع على إخصائي نفسي وبمساعدة وإحتواء الشريك، فمن منا ليس به ضرورة ملحة للعرض على إخصائي نفسي للحوار معه ومعاونته على التحدث بحرية وصراحة ودون خجل، فكم من صدور باتت تلج بالأوجاع ولم تجد من يسمعها ويفهمها. 
 
وأخيرا ينبغي هنا التأكيد أن الغيرة نسبية وبدرجات متفاوتة من طرف لآخر، ولا يمكن إقترانها بالمرأة فقط دون الرجل ، فكلاهما يغار ولكل منهما طريقته في التعبير عنها.